جمعية فلسطين علمانية هي جمعية تضامن دولية مع فلسطين، وهي جمعية تتضامن مع الحقوق الفلسطينية على أرضية سياسية جديدة قائمة على الإقرار بوحدة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وجغرافيا فلسطين التاريخية وهي تختلف بذلك مع تلك المواقف السياسية التقليدية لجمعيات ومنظمات التضامن الأوروبية والقائمة على الالتصاق بالخطاب السياسي الأوسلوي والذي عمل تجزئة القضية والشعب والجغرافيا والذي يحمل مخاطر فعلية على مستقبل النضال من أجل تحصيل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية وفي الشتات
نحن في “جمعية فلسطين علمانية”، نعتقد أن التضامن الدُّوَليّ التقليدي القائم على أرضية البرامج الأوسلوية لا يخدم القضية الفلسطينية وقد يخدم موضوعيا أعداء فلسطين وأعداء السلام الحقيقي القائم على مبدأ تحقيق العدالة. وبذلك، سوف تقدم الجمعية مساهمة مهمة في سبيل تنوير وتعريف الأوساط الداعمة للحق الفلسطيني بمآلات ونتائج دعمها والتي قد تكون معاكسة للأهداف المرجوة من هذ الدعم النبيل
نشاط الجمعية على الصعيد الدولي ضمن هذا التصور السياسي الجديد يتوافق مع التوجهات السياسية الجديدة لدى قطاعات سياسية وثقافية فلسطينية والآخذة في النمو والتوسع في كل فلسطين التاريخية وفي تجمعات الشتات الفلسطيني، توجهات تنشط على تحرير المخيال السياسي من قيود أوسلو الكارثي، ودوغمائية وصنمية حل الدولتين.
جمعية فلسطين علمانية تقوم على أرضية الاقتراح السياسي المُتَضمِن لمبدأ تحرير فلسطين من الصهيونية ودولتها، دولة إسرائيل الأبارتهايدية، وذلك لكي يعود السلام الى فلسطين حيث سيتعايش سكانها بعد عودة اللاجئين الى ديارهم. فلسطين الما-بعد قومية سوف تكون ذلك الوطن التعددي وتلك الدولة الديمقراطية العلمانية لجميع مواطنيها دون امتيازاتٍ أو محاباةٍ قائمة على الجنس، الجندر، الديانة، الطائفة، اللغة و/أو الانتماء الاثني.
جمعية فلسطين علمانية تكون بذلك جزء من حراكات ومجموعات “الدولة الديمقراطية الواحدة” العاملة على تقديم أولوية تحرير فلسطين التاريخية من الصهيونية، أي تفكيك دولة الفصل العنصري كمقدمة لعودة الشعب الفلسطيني الى كل فلسطين وتحرير فلسطين من آلة الاستعمار الاستيطاني الإحلالي كما ستضمنُ تحرير اليهودية من الأيديولوجية الصهيونية التي قامت باستعمارها وبالسطو عليها لإقامة دولة إسرائيل العنصرية على أنقاض فلسطين التاريخية.
هنا، لا بدّ من الإشارة الى أن علمانية فلسطين المرجوة لا تتصل بأي نقاش فلسفي حول قضايا الإيمان أو الإلحاد فالعلمانية بنظرنا ليست مرادفة للإلحاد، بل هي نظام سياسي يفصل الدين عن الدولة كما يفصل ما بين المجالين العالم والخاص وهذا الفصل وذاك من شأنهما حماية المعتقدات الدينية والفلسفية وليس محاربتها كما يتراءى للبعض. العلمانية تكون بذلك حمايةً للمعتقدات عندما تنحصر هذه المعتقدات في الحيز الخاص للفرد-المواطن وعندما تكون الدولة حيادية الموقف من معتقدات مواطنيها
لماذا فلسطين علمانية
الطرح العلماني في فلسطين كحل للصراع الفلسطيني الصهيوني له تاريخ طويل يمتد إلى ما قبل قيام دولة إسرائيل، ففي الثلاثينيات من القرن المنصرم، طرحت “عصبة التحرر الوطني” الفلسطينية شعار الدولة الديمقراطية العلمانية كبديل للمشروع الصهيوني الداعي الى قيام دولة يهودية خالصة على كامل التراب الفلسطيني
ولقد أُعيدَ التأكيد على هذا الشعار في السبعينات من القرن الماضي كهدف مركزي النضال الفلسطيني وصولاً لعام ١٩٧٤ حيث جاء “برنامَج النِّقَاط العشرة” الذي تبنته “منظمة التحرير الفلسطينية” لكي يبدأ حِقْبَة جديدة في التاريخ الفلسطيني انحرف فيها النضال الفلسطيني عن أهدافه الوطنية ممهداً الطريق لتبني “حل الدولتين” وللانخراط اللاحق في “اتفاقيات أوسلو” والمفاوضات المارثونية والعبثية التي أعقبتها والتي تواصلت منذ ١٩٩٣ حتى “صفقة القرن” لترامب
سلسلة هذه التطورات الدراماتيكية في مسيرة النضال الفلسطيني أدت الى تشويه الوعي الوطني الفلسطيني وبدايةً لخلق تعارضات ما بين مصالح المكونات المركزية للشعب الفلسطيني وذلك بفصل فلسطينيي الضفة وغزة عن جموع اللاجئين في لبنان وسوريا والأردن إضافة إلى التخلي العلني عن فلسطينيي ١٩٤٨ واعتبارهم خارج الدائرة الفلسطينية تمهيداً للمزيد من ترسيخ أسرلتهم
التخلي العملي عن المطالبة بحق العودة و الاعتراف بشرعية الدولة الصهيونية وبصحة روايتها كان من شأنه دق أولى المسامير في نعش القضية الوطنية المعاصرة ولم تكن سياسات “ترامب” سوى كشفٍ عن المستور من سياسات التراجع لحركة التحرر الوطني الفلسطيني وتعلقها بأوهام الحل عبر التفاوض المؤدي الى قيام دولة فلسطينية على ٢٢% من فلسطين التاريخية
انكشاف حقيقة الأوهام بخصوص “حل الدولتين” وما خلفه من توسيع للاستيطان والى المزيد من اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم أدى إلى عودة الطرح الديمقراطي و العلماني إلى المشهد الفلسطيني ولم يكن بروز العديد من التيارات والتجمعات الملتفة حول شعار الدولة الديمقراطية الواحدة إلا التعبير الأوفى عن عودة الروح الى الطرح الديمقراطي والعلماني الأصيل و المتأصل في الفكر السياسي الفلسطيني المواكب لحركة وطنية نابضة بالحياة ورافضة للاستسلام إلى الخطاب الرسمي الفلسطيني ذَا السمات الانهزامية.