حول إقرار الكنيست لقانون القومية اليهودية

سلامة كيلة وناجي الخطيب

2018-07-29

أقرّ الكنيست الصهيوني “قانون القومية” الذي ينصّ على أن ” أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، ‏وفيها قامت دولة إسرائيل وأن “دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وفيها يقوم بممارسة حقه الطبيعي ‏والثقافي والديني والتاريخي لتقرير المصير”، وأن “ممارسة حق تقرير المصير في دولة إسرائيل حصرية للشعب اليهودي”. ‏وهو الأمر الذي يعني أن الدولة الصهيونية هي “دولة اليهود” فقط، وأنها تقوم على كل أرض فلسطين، وبالتالي أن السكان ‏الفلسطينيين هم غرباء لا وطن لهم، ويُعتبرون بلا حقوق في هذه الدولة.‏

القرار يُظهر بوضوح أن الكنيست الصهيوني يُعلن ما تحدَّد منذ الأساس، وما قامت عليه الحركة الصهيونية، وهو أن ‏فلسطين هي “أرض اليهود”، وليس من تنازع عليها مع آخرين، وليس من الممكن التنازل عن جزء منها. هذا ما عملت على ‏أساسه الحكومات الصهيونية المتعاقبة دون إعلان، وسعت لأن تؤسس في الواقع ما يهيء لإعلانه بعد أن سيطرت على ‏الأرض وأقامت “مجتمعاً”، ومدّت استيطانها الى كل فلسطين.‏

بالطبع، هذه الخطوة تقطع الطريق نهائياً على حل الدولتين، وتفرض ما تحدثنا عنه مراراً من ضم لأرض الضفة ‏الغربية، وتكريس نظام الفصل العنصري الذي أقيم بالجدار العازل والطرق الالتفافية والحواجز. لقد جعلت هذه الخطوة من ‏سلطة “الإدارة الذاتية” (السلطة الفلسطينية) سلطةً منفصلة عن كيان الدولة الصهيونية ولكن خاضعة لسيطرتها. ان هذا من ‏شأنه إسقاط كل الأوهام حول “حل الدولتين”، وإبراز ضرورة إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني، وجعل حل الدولة ‏العلمانية الديمقراطية المحور المركزي المشترك‎ ‎‏ للنضال الذي يجمع ما بين الشعب الفلسطيني، وكل “اليهود” المعنيين ‏بالعيش المشرك في هذه الدولة. فليس من بديل عن الدولة الصهيونية سوى الدولة العلمانية الديمقراطية التي تعيد الحقوق ‏للسكان الأصليين، وتقبل وجود المستوطنين الذين يقبلون بالعيش في ظلها.‏

وربما يفرض إقرار هذا القانون خطوة من كل الأحزاب العربية المشاركة في الكنسيت للتخلص من الأوهام حول طبيعة ‏هذه الدولة، والعودة إلى تأسيس مشروعها كمشروع وطني فلسطيني يشمل كل فلسطين، ويهدف الى إنهاء الدولة الصهيونية ‏من أجل دولة علمانية ديمقراطية واحدة. ونأمل من الشباب الذي يناضل ضد الدولة الصهيونية أن ينظّم نشاطه، ويوحِّد ‏قواه، لكي يلعب دوراً هو جدير به، يهدف الى بناء فلسطين دولة علمانية ديمقراطية.‏

وربما أجدى بأعضاء الكنيست العرب أن يعلنوا استقالاتهم، فقد ظهر واضحاً أن هذا الكنيست هو كنيست لـ “دولة ‏اليهود”، وليس للعرب مكان فيه. وأن يعلنوا أنهم نواة برلمان فلسطيني، يمكن أن يضم فلسطينيين من المناطق الأخرى ‏ومن الشتات وهدفه إصدار وثيقة “الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني”، تلحظ حق كل من وجد في فلسطين خلال ‏العقود الماضية في أن يكون جزءاً من الدولة الفلسطينية الجديدة.‏

انتهت الأوهام، وأصبح الوضع في غاية الوضوح، فإما “دولة اليهود” أو الدولة العلمانية الديمقراطية في فلسطين.‏

هذا ما يجب أن يتركز النضال من أجله.